طفرة يعيشها توتنهام في الأسابيع الأولى من الدوري الإنجليزي الممتاز وعنوانها الأبرز هو المدير الفني للفريق أنجي بوستيكوجلوGOALهيثم محمد

توتنهام بطلاً؟ لأن البشر أحياناً أفضل من الماكينات والأبطال!

أحياناً أقل الأشخاص شهرة هو المطلوب لإصلاح ما أفسده "المشاهير"..

"أريد الفوز مثل الجميع، وإحباط عدم الفوز وضغط الجمهور وصرف الأموال .. جلبت مدرب بطولات كما يسمونهم ومرتين، كانوا عظماء ولكن ليس لنا".. تلك كانت كلمات رئيس توتنهام دانييل ليفي مؤخراً في ملتقى للجماهير التي يمكن أن تلخص معضلة سبيرز في السنوات الأخيرة.

يُصنف سبيرز كأحد الستة الكبار للبريميرليج، ولكن ما يميز الفرق الكبرى هو تحقيق الألقاب، وهذا النادي لم يعرف طعمها منذ 2008 عبر لقب كأس كاراباو، ولقب الدوري نفسه لم يرفعه طوال حقبة البريميرليج، وآخر ألقابه كانت في 1991.

تعددت الأسباب والنقاشات حول أين تكمن مشكلة فريق مثل توتنهام يملك الأموال والقوة الاقتصادية لمقارعة كبار القوم، وعلى مدار السنوات الماضية دائماً ما امتلك لاعبين من الأفضل في الدوري مثل هاري كين وهيونج مين سون وكريستيان إريكسن وغيرهم، ومدربين من الصفوة من أمثال ماوريسيو بوتشيتينو، أنطونيو كونتي، وجوزيه مورينيو، ولكن المحصلة النهائية؟ صفر.

مع بوتشيتينو اقترب الفريق كثيراً من تحقيق حلمه وكثر صيامه، بل وبلغ نهائي دوري الأبطال ونافس على البريميرليج، ولكن رحل الأرجنتيني خالي الوفاض واتهموه بأنه مدرب الكرة الجميلة وليس البطولات، لتتجه بوصلة ليفي نحو أصحاب الخبرات، أولاً مورينيو الذي عاش معه النادي فترة عصيبة انتهت بإقالته عشية نهائي كأس كاراباو، الأمر الذي يصفه "الاستثنائي" بالنصف بطولة التي حققها مع فريقه، وثانياً مع كونتي الذي لم تختلف فترته كثيراً عن سابقه، تطلعات كبرى ثم اصطدام بواقع ومشاكل الفريق، لينتهي الأمر بإقالة الإيطالي أيضاً قبل نهاية الموسم الذي فشل فيه مساعده كريستيان ستيليني حتى لقيادة الفريق لمركز أوروبي، بل إلى خسارة تاريخية بسداسية من نيوكاسل عنونت عامًا من الفشل والتخبط.

المباراة التالية

TOT

MUN

بعد الخسارة التاريخية بنتيجة 6-1 ⚠️قرر لاعبو توتنهام تعويض كل المشجعين الذين سافروا إلى نيوكاسل لحضور المباراةpic.twitter.com/nOw7SAec8g

فقد جمهور توتنهام الأمل الصيف الماضي في رؤية فريقه ينافس حتى على المقاعد الأوروبية وليس البطولات من الأساس، الفريق دخل الصيف دون مدرب، وفشل في مساعيه بإقناع كل المرشحين مثل تشابي ألونسو، فينسنت كومباني، يوليان ناجلسمان، لويس إنريكي، وروبن أموريم ضمن قائمة لا تنتهي، وزاد الطين بلة أنباء ضغط بايرن ميونخ للحصول على هاري كين، القائد والنجم والهداف الذي صمد طوال تلك السنوات، وقدم التضحيات للنادي الذي يحبه على تحقيقه البطولات التي يستحقها لاعب بمكانته وقدراته.

استقرت إدارة سبيرز في نهاية المطاف على تعيين أنجي بوستيكوجلو، الأسترالي ذو الأصول اليونانية مدرب سلتيك، قرار لم يحظ بإعجاب الجماهير أو النقاد نظراً لأنه أفضل محطاته كانت في اسكتلندا وأستراليا واليابان، ولم يسبق له العمل في بطولة بحجم البريميرليج، قرار اعتبره البعض بمثابة إعلان نوايا فيما يخص الموسم المقبل من قبل إدارة النادي.

في 2021، أصبح بوستيكوجلو أول أسترالي يدرب في أوروبا على الإطلاق عندما وقع مع سلتيك، قرار علق عليه المعلق الشهير أندي برازيل وقال: "أين عثروا على هذا الرجل"، ولكن بعد عام خرج وقدم اعتذاره بعد أن هيمن "هذا الرجل" على الكرة الاسكتلندية وأعاد عملاقها لقمتها بتحقيق الثنائية ثم الثلاثية في العام التالي، حيث أصبح معشوقاً للجماهير التي صُدمت برحيله الصيف المنصرم.

📅 𝗕𝗿𝗮𝘇𝗶𝗹 𝗶𝗻 𝟮𝟬𝟮𝟭: “Is this a wind up? Where do they come up with these guys!?”📅 𝗕𝗿𝗮𝘇𝗶𝗹 𝘁𝗼𝗱𝗮𝘆: “I take it all back! I hold my hands up, I apologise!”Alan makes an apology to#CelticFCmanager Ange Postecoglou after he criticised his appointment 🍀😂pic.twitter.com/PnoRkITYHu

تخيل عزيزي القارئ أن تبدأ مهمتك في فريق لم تكن الخيار الأول له، والجمهور والنقاد يعاملونك على هذاالأساس، والأدهى أن تفقد نجمك الأول مع الأيام الأولى للموسم ولا يضم لك النادي معوضاً؟ إذ كنت أنجي بوستيكوجلو فأنت حصلت على إعفاء من المسؤولية قبل حتى أن تبدأ!

ولكن الرجل الهادئ عمل في صمت، أعاد توزيع الأدوار وعمل بالمتاح، ولم يطلب الكثير من ناديه، جعل سون قائده الجديد خلفاً لكين في الشارة والمركز، وأطاح بمراكز القوة مثل هوجو لوريس وإريك داير بهدوء ودون إثارة الجدل، وضخ دماء جديدة مثل فيكاريو وميكي فان دين، وثنائية بيسوما وسار في الوسط بدلاً من هويبرج، والأهم طبعاً صفقة الموسم وأفضل لاعب حالياً في إنجلترا جيمس ماديسون.

كانت بداية سبيرز للموسم مع أنجي بطيئة، تعادل مع برينتفورد وودع كأس كاراباو من الجولة الأولى على يد فولهام وظن الجميع أن الفريق يسير نحو موسم كارثي جديد، ولكن بعد سبع جولات يأتي ثانياً خلف مانشستر سيتي بفارق نقطة، وفاز في الطريق على يونايتد وليفربول وتعادل مع آرسنال في ديربي لندن بالإمارات، والأهم من النتائج هو الشخصية الصلبة التي ظهر عليها الفريق عكس المعتاد منه، وفي غياب قائده التاريخي وهدافه وجد الحلول واكتشف وجود حياة دون هاري كين.

طارق الجلاهمة: من الصعب على بوستيكوغلو أن يفقد هاري كاين ويحصل على هذه النتيجة#استوديو_السبت#الدوري_الإنجليزيpic.twitter.com/tULsy48Lfr

لعبت شخصية بوستيكوجلو الهادئة دوراً كبيراً في قلب حظوظ سبيرز، تصرفاته "الطبيعية" على خط الملعب مقارنة بسابقيه أبعدت الأضواء عنه وخففت الضغوط، وتصريحاته المتزنة التي أظهرت جانباً إنسانياً جعلت الكثيرون يتعاطفون معه، حديثه عن ريتشارليسون ومساندته في أزمته النفسية، وصراحته في مناقشة بداياته كلاجيء والصعوبات التي واجهها ليصل إلى ما هو عليه، وحتى الاعتراف بأنه مشجع لليفربول مع جاري لينيكر أظهرت أسباباً عدة بالإضافة للظروف التي أتى بها للفريق أدخلته سريعاً لقلوب جمهور ناديه، وحتى المحايدون.

🗣️ الصحفي :"بما أنه قد سبق لك لعب الفانتسي، هل تنصحني كأحد مُلاك ماديسون أن أشركه أساسياً بالجولة القادمة؟" 💬🗣️ بوستيكوغلو :"بإمكانك فعل مايحلوا لك، إهتمامي 0% حول فريقك بالفانتسي." 😅#FPLpic.twitter.com/gN13VGaiuI

على الأرجح لن يفوز سبيرز باللقب في ظل قوة المنافسة وتفوق بقية المشاريع عليه، وإن كان يملك ميزة الغياب عن الساحة القارية، ولكن المؤكد أن هناك تغييرًا يحدث في معقل الفريق مع وصول بوستيكوجلو، وربما أخيراً أدرك ليفي أن الفريق يحتاج لبشري وليس ماكينة أهداف مثل كين أو أبطال مظفرين كمورينيو وكونتي، ولذا بقية تصريحه الذي بدأنا به سيكون أفضل ختام:"نريد أن نلعب بطريقة معينة، حتى لو ذلك سيكلفنا الانتظار لتحقيق الانتصارات، ربما هذا هو الطريق الصحيح لنا، ولهذا السبب أنجي هنا، ومن وجهة نظري، هو الخيار الصحيح".